فجر الغموض: النظر إلى هاوية الحرب العالمية الثالثة
فجر الغموض: النظر إلى هاوية الحرب العالمية الثالثة
في ظل المشهد العالمي المُتقلب، يطل شبح ما يسميه البعض بالحرب العالمية الثالثة، وهو موضوع استحوذ هذه الأيام على خيال ومخاوف العالم على حد سواء. تهدف هذه السلسلةُ إلى تحليل هذا الموضوع المركب، ابتداءً بالتفحص العميق لما يمكن أن تحمله الحرب العالمية الثالثة في طياتها مُستندة إلى دروس التاريخ من سابقاتها.
كانت حروب العالم في القرن العشرين أحداثًا مُدوية غيّرت مجرى الحدود والمُجتمعات ونسيج العَلاقات الدولية جذريًا، فالحرب العالمية الأولى، التي وُصفت غالبًا بأنها «الحرب لإنهاء كل الحروب»، على عكس ذلك قد مهدت الطريق للحرب العالمية الثانية التي أطلقت العِنان لدمار غير مسبوق وكانت مهدًا لولادة العصر الذري، فتميّزت تلك الصراعات بتحالفات القوى الكُبرى، والتعبئة الشاملة، والامتداد العالمي، فإذا ما اندلعت تلك الحرب العالمية مُجددًا، فمن المُحتمل أن ترث بعض هذه الخصائص، لكن من المؤكد أنها ستتشكل في ضوء الجغرافيا السياسية الحديثة والتكنولوجيا. اليوم، يُثير مصطلح «الحرب العالمية الثالثة» صور الهلاك النووي، والحروب السيبرانية، والمعارك التي يقودها الذكاء الاصطناعي، ومع ذلك فإن تحديد معنى الحرب العالمية الثالثة يبقى مُعقدًا. هل يُعرف بمدى الصراع، أو الأطراف المُشاركة، أو أنواع الأسلحة المُستخدمة؟ لا تزال معايير تحديد ما يُشكل حربًا عالمية في القرن الحادي والعشرين موضع نقاش. على الرغم من انتهاء الحرب الباردة وتفكك النظام العالمي ثنائي القطب، إلا أنه قد ظهرت توترات جديدة، أدت إلى تحول محاور القوى، وظهور لاعبين عالميين جدد إلى عالم مُتعدد الأقطاب يعج بعدم الاستقرار. تُعد «المُنافسة» بين الولايات المُتحدة والصين، وتحركات روسيا الجريئة في شرق أوروبا، وطموحات كوريا الشمالية النووية، والتوترات الحالية في الشرق الأوسط لا سيما العدوان الوحشي على غزة، جميعها نقاط توتر قد تُشعل نزاعًا واسع النطاق. تدور مخاوف العامة حول الحرب العالمية الثالثة غالبًا حول استخدام الأسلحة النووية، إلا أنه يُعتقد بأن مبدأ الدمار المُتبادل المؤكد أو (MAD) خلال الحرب الباردة، قد منع وقوع حرب نووية، ولكن مع تطور العقائد القتالية وظهور أجيال من الأسلحة أكثر تطورًا، لا يمكن التغاضي عن خطر المواجهة النووية بسهولة. ومع ذلك فإن من الضروري التفريق بين تصاعد التوترات العالمية وبداية حرب عالمية فعلية، فاليوم المُجتمع الدولي مُترابط أكثر من أي وقت مضى، حيث يعمل الاعتماد الاقتصادي المُتبادل والمؤسسات العالمية كرادع ضد النزاعات العسكرية الكُبرى.
الرأي الأخير
مع تقدم هذه السلسلة، سنتعمق في جوانب هذا الموضوع المُعقد، مُحللين رقعة الشطرنج الجيوسياسية، والتطوّرات التكنولوجية في الحرب، والعوامل الاقتصادية، ودور الدبلوماسية الدولية، فإن فَهم ديناميكيات حرب عالمية ثالثة ليس مجرد تمرين أكاديمي فحسب، بل إنه خُطوة ضرورية لضمان أن يظلَّ هذا النزاع العالمي مجرد سيناريو نظري، بدلًا من أن يُصبح واقعًا مُدمرًا.
(إن الاستراتيجية السلمية، دائرية لا خطية)
إلى اللقاء في رأي آخر،،،
Comments