top of page
Zubara_Fort-2_edited_edited_edited.png

هدنة الستين يومًا في غزة: فرصة نادرة أم استراحة محارب؟

  • صورة الكاتب: نواف بن مبارك آل ثاني
    نواف بن مبارك آل ثاني
  • 2 يوليو
  • 3 دقيقة قراءة

تاريخ التحديث: قبل 4 أيام

إعلان ترامب يُعيد الأمل مؤقتًا… وقطر تتقدّم بهدوء في دبلوماسية الممكن

في صباح الثاني من يوليو 2025، نشر الرئيس الأميركي دونالد ترامب بيانًا غير متوقّع عبر منصته على “تروث سوشال”، أعلن فيه أن إسرائيل وافقت على الشروط الضرورية لإبرام اتفاق لوقف إطلاق النار لمدة ستين يومًا في قطاع غزة، موضحًا أن كلًّا من قطر ومصر ستقومان بنقل المقترح النهائي إلى حركة حماس. وأضاف محذرًا: “آمل أن تأخذ حماس هذا العرض، لأنه لن يتحسّن — بل سيتدهور.”


في المشهد السياسي المأزوم، بدا هذا الإعلان كأنّه ضوء خافت في نهاية نفق طويل، لكنه لا يزال ضوءًا هشًا، تحيط به شكوك الميدان وتشكيك الأروقة الدبلوماسية.


فمنذ اندلاع الجولة الأخيرة من الحرب على غزة، تحوّلت المبادرات السياسية إلى سلسلة من المراوغات والتصريحات المتناقضة. وسط هذا التخبّط، برزت الدوحة كطرفٍ موثوق، رغم حملات التشويه الإعلامي التي استهدفت دورها. وقد صرّح رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، في مقابلة حديثة، بأن “المحادثات غير المباشرة قد تُستأنف خلال أيام”، مؤكّدًا أن المفاوضات لم تتوقف كليًا بل تمر بمرحلة دقيقة تتطلب صبرًا استراتيجيًا.


هذا الدور القطري لا يقتصر على تيسير الاتصال بين الأطراف فحسب، بل يشمل أيضًا بناء مساحات ثقة، وتقديم الضمانات الإنسانية، والتنسيق مع واشنطن والقاهرة في لحظات شديدة الحساسية. ووفقًا لتقارير إعلامية مطّلعة، فإن قطر ومصر تعملان على مسوّدة معدّلة تُراعي التحفظات الإسرائيلية، دون أن تُغفل الحد الأدنى من مطالب حماس، بما في ذلك إدخال المساعدات، ووقف القصف، وفتح ممرات آمنة للمدنيين.


مع ذلك، تبقى هوّة الخلافات قائمة. إسرائيل تطالب بتفكيك الجناح العسكري لحماس وإنهاء وجودها السياسي في غزة، وتُصر على الاحتفاظ بحق الرد الكامل، بينما ترفض حماس الخوض في أي ترتيبات طويلة الأمد قبل وقف الحرب وانسحاب القوات الإسرائيلية من كامل القطاع. وبين هذين الموقفين، يتحرك الوسطاء بحذر، في مسار بالغ التعقيد.


الهدنة، إن تمّت، ستكون أول تهدئة شاملة منذ انهيار اتفاق نوفمبر 2024، وقد تتيح الفرصة لإعادة تقييم الوضع الميداني والإنساني. قطاع غزة يُعاني من كارثة غير مسبوقة: أكثر من 35 ألف قتيل، معظمهم من المدنيين، مئات الآلاف من النازحين، ونظام صحي على وشك الانهيار. في هذا السياق، فإن هدنة مؤقتة، ولو لشهرين فقط، قد تُنقذ ما تبقّى من أرواح، وتفتح نافذةً صغيرةً لتنسيق جهود الإغاثة وإعادة تشغيل خطوط الإمداد.


اقتصاديًا، انعكس خبر الهدنة المحتملة إيجابيًا على الأسواق العالمية. أسعار النفط التي تجاوزت 80 دولارًا بسبب التوترات في مضيق هرمز، بدأت بالتراجع فورًا بعد تصريحات ترامب والدوحة، ما يعكس هشاشة المزاج الدولي ومدى ترابطه بالمشهد الأمني في الشرق الأوسط. هذا التراجع وإن كان محدودًا، إلا أنه يُشير إلى أهمية الاستقرار الإقليمي في ضبط إيقاع الاقتصاد العالمي.


لكن التجربة تُعلّمنا أن التهدئات لا تعني بالضرورة حلولًا. في حالات سابقة، استخدمت إسرائيل الهدنات لترتيب صفوفها ميدانيًا، في حين استغلتها الفصائل الفلسطينية لإعادة تنظيم نفسها، دون تحقيق تقدم جوهري في مسار السلام. لذلك فإن التساؤل الأهم اليوم هو: هل يُراد من هذه الهدنة كسب الوقت، أم فتح الباب؟


وهنا يبرز الاختبار الحقيقي للدبلوماسية القطرية. فالدوحة التي تمكّنت في السنوات الماضية من إنجاز صفقات تبادل أسرى، وتنسيق ممرات إنسانية، ومشاركة فعّالة في مفاوضات إيران وأفغانستان، تجد نفسها اليوم أمام فرصة لإثبات قدرتها على تحقيق مكاسب سياسية ملموسة على مستوى الصراع الفلسطيني الإسرائيلي — وهو أعقد ملفات المنطقة على الإطلاق.


من جانبها، تُراهن إدارة ترامب على اختراق دبلوماسي يمكن توظيفه انتخابيًا في الداخل الأميركي، من دون خوض مغامرات عسكرية أو التورّط في مفاوضات شاملة. هذا التوازن الصعب بين الصورة والواقع، يجعل واشنطن في موقع المتابع لا القائد، ويُبرز مجددًا أهمية القوى الوسيطة من المنطقة ذاتها.

الرأي الأخير ...

قد لا تكون هذه الهدنة هي الحل، لكنها على الأقل بداية محتملة لمسار مختلف. وإذا كانت الطريق إلى التسوية لا تزال طويلة وشائكة، فإن كل لحظة هدوء — مهما كانت مؤقتة — تستحق بذل الجهد، لأن بديلها هو المزيد من الدمار، والمزيد من الصمت الدولي أمام مأساة مستمرة.

 

”في الشرق، لا تُقاس الفرص بحجمها، بل بلحظتها“

إلى اللقاء في رأي آخر ،،،


Comentarios


  • RSS
  • X
  • Instagram
  • Youtube

 - مجرد رأي | من منظور إستراتيجي -

pod144r21.tif

جميع الآراء هنا تمثل آراء الكتّاب الشخصية فقط.

PoliSMAIN35755.png

© 2025 Nawaf bin Mubarak Al-Thani, All rights reserved.

bottom of page