top of page

بولندا والجبهة الشرقية

صورة الكاتب: نواف بن مبارك آل ثانينواف بن مبارك آل ثاني

إذا لم ننهِ الحرب، فإن الحرب ستنهينا ...

قد أثرت الحربُ في أوكرانيا بشكلٍ عميقٍ على الأمن الأوروبي، وأثارت أسئلةً حول دور حلف الناتو في هذا القرن، ككاتب كنت -ومنذ زيارتي الأخيرة لوارسو هذا العام للحديث في مؤتمر عن الأمن الدولي- مُهتمًا بشكل خاص بتداعيات هذا النزاع على جبهة الحلف الشرقية، وخصوصًا ما قد يحدث في بولندا.

لطالما كانت بولندا حليفًا أساسيًا للناتو، وقامت بدورٍ رئيسي في جهود الردع والدفاع وهي تستضيف وَحْدةً قتاليةً من حلف شمال الأطلسي، وتلتزم بتخصيص 2% من ناتجها المحلي الإجمالي للدفاع، كما أن بولندا من أبرز الدول التي دعمت أوكرانيا على الصعيدين العسكري والإنساني.


في الفترة الأخيرة، شهدنا تطورات مُقلقة في النزاع بين روسيا وأوكرانيا، فقد تمت إعادة انتشار قوات فاغنر الروسية على الحدود بين بيلاروسيا وبولندا، مع ظهور تقارير تُشير إلى أعمال تخريبية مُحتملة من خلال الطابور الخامس في عدة مدن بولندية، ومع الهجمات الإلكترونية الروسية على البنية التحتية لبولندا فقد أكدت هذه التطورات أهمية الدعم العالمي لبولندا اليوم أكثر من أي وقت مضى.

ومع ذلك، فمن الضروري النظر في التكلفة المُرتبطة بدعم بولندا، سواء من حيث الموارد المالية أو البشرية، وكذلك ضرورة تجنب تصعيد النزاع، وهنا لا يمكن أن نرى سوى أنه من مصلحة الولايات المُتحدة وحلفائها دعم بولندا اليوم وبشكل واضح وصريح، فقوة بولندا واستقلاليتها ضروريتان لأمن جبهة الحلف الشرقية.

لكن هناك أيضًا بعض المخاطر المُحتملة في دعم بولندا والتي يجب أن نعيها، فعلى سبيل المثال يمكن أن يؤدي دعم بولندا «الصريح» إلى تصعيد النزاع مع روسيا، ما قد يؤدي إلى حرب أوسع، كما أن دعم بولندا يمكنه أن يُثيرَ مخاوف في الشرق الأوسط، حيث يخشى البعض من أن يؤدّي ذلك إلى زعزعة الاستقرار في المِنطقة واتساع دائرة النزاع بعيدًا عن أوروبا، وهذا قد يحدث بالفعل.

فمن الضروري أن يُوازنَ العالم بين المخاطر المُحتملة والمكاسب المُمكنة لدعم بولندا، ويجب أن يأخذوا في الاعتبار جميع العوامل المعنية، وتأثير ذلك على الاستقرار العالمي، خاصة في مِنطقتنا هنا في الشرق الأوسط والخليج.

الرأي الأخير ...

من المؤكد أنه وبمجرد أن تزن الولايات المُتحدة وحلفاؤها جميع العوامل تلك، يمكنهم اتخاذ القرار بشأن ما إذا كانوا سيدعمون بولندا بشكل أوسع من اليوم أم لا، فإن تقرر الدعم المُستدام فيجب عليهم أن يفعلوا ذلك بحكمة وأن يأخذوا جميع المخاطر المُحتملة في الاعتبار، ويجب أيضًا على حلف الناتو أن يُضاعفَ التواصل مع القادة في الشرق الأوسط والخليج لشرح موقفهم بشأن دعم بولندا، وليوضحوا كيف أن هذا لن يهدفَ إلى زعزعة الاستقرار في المِنطقة، وأنهم مُلتزمون من أجل حل سلمي للنزاع في أوكرانيا.

(إذا لم ننهِ الحرب، فإن الحرب ستنهينا)

إلى اللقاء في رأي آخر،،،


٠ تعليق

أحدث منشورات

عرض الكل

Comments


bottom of page