top of page
  • صورة الكاتبنواف بن مبارك آل ثاني

على حافة الهاوية

على الاتحاد الأوروبي أن يقود أعضاءه وجيرانه إلى الالتزام الثابت بالسلام

معَ توسُّعِ ظلالِ النزاعِ في أوكرانيا، تتخذُ هذه الظلالُ طابعًا نوويًّا مشؤومًا، وفي خِضم زئير أصوات الحرب، تقف المُجتمعاتُ الدوليةُ على شفير كارثة قد ترنّ في أذنَي التاريخ، فقد تحوَّلت الهمساتُ الخافتةُ إلى عناوين صاخبة بشأن تقارير تحدَّثت عن تفكير روسيا في نشرِ أسلحةٍ نوويةٍ تكتيكيَّةٍ في أوكرانيا، والاحتمال المروِّع لوجود محطة زاباروجيا للطَّاقة النوويَّة في مرمى النيران، وهو ما بعث بموجة رعب اجتاحت الدول المُجاورة، وهم يُراقبون عقارب الساعة الذريَّة في أوكرانيا.

تقف محطة زاباروجيا للطاقة النووية على نهر دنيبر كحارس عملاق، وهي ليست مجردَ قطعة على لوح الشطرنج الجيوسياسي، بل هي أكبر مُفاعل نووي في أوروبا ورمز لحيوية أوكرانيا، إنَّ الاعتداء على هذا العملاق أكثر من كونه عمل حرب، إنه إهانة للتراث الإنساني المُشترك، لتعيد الهمسات حول زاباروجيا إلى أذهاننا أصداء تشيرنوبيل، وهو حدث لا يزال يُلقي بظلالِه الداكنة على ضمير القارة الأوروبية، وما زالت الصورُ المؤلمة للمناظر الطبيعية بعد كارثة تشيرنوبيل محفورةً في ذاكرتنا الجماعيَّة، وتعمل كتذكير مؤلم بثمن الكارثة النووية، تخيلوا إذًا «إذا تجرأتم» عواقبَ حادث في زاباروجيا، كارثة قد تكون أكبر بكثير من سابقتها.

هناك مُفارقة مُقلقة في كون الذرة نفسها، التي تدفئ شتاءً العديد من المنازل الأوكرانية من خلال زاباروجيا، تحمل في داخلها بذور الدمار الذي لا يمكن تصوره، سيكون دخول الأسلحة النووية التكتيكية إلى هذا المسرح القتالي سقوطًا غير مُسيطر عليه في هاوية «صندوق باندورا»، وقد يؤدّي الخليط المُتقلب للحرب التقليدية مع الترسانات الذرية إلى إشعال رد فعل تسلسلي قد لا يترك أي أبطال، يترك فقط الأموات والناجين.

هنا، على أعتاب الهلاك المُحتمل، يجب أن يجد العالم عزيمته وأن يخترق التواصل الدبلوماسي الهادف ضباب الحرب، حيث يجب على مجلس الأمن التابع للأمم المُتحدة التخلص من قيود الإجراءات المُعقدة واستخدام نفوذه، ويجب على الاتحاد الأوروبي، كوصي على قارة عرفت كل أوجه الحروب المروعة، أن يقود أعضاءه وجيرانه خلال هذه العاصفة بالالتزام الثابت بالسلام.

علاوةً على ذلك، يجب أن يتحلّى حُماةُ الترسانات الذرية بالمسؤولية، حيث يجب عليهم أن يقودوا العالم ليس فقط في الدعوة إلى وقف التصعيد فورًا، ولكن أيضًا في تشكيل عهد جديد لضبط النفس والمسؤولية فيما يتعلق بحماية القدرات الذريَّة.

الرأي الأخير

أثناء قراءتنا هذه الكلماتِ، يجب ألا ننسى أنه خلف لوح الشطرنج السياسي تكمن أحلام وآمال الملايين، أرواحٌ مُتشابكة في نسيج غني من الوجود البشري، لا تعرف ولا تهتم بنوايا القوى العظمى، ولهذا لترتفع أصواتنا موحدة في جوقة فوق ضجيج الحرب لتصدح بها الأروقة السياسية والشوارع على حد سواء بدعواتنا المُتواصلة للسلام، لأنه في أيدينا لا تكمن فقط أحلام الحاضر بل الوعود التي لم تُوفَ بعد للأجيال القادمة.

(انتشار الأسلحة النووية ليس توازنًا للقوى بل هو توازن للرعب)

إلى اللقاء في رأي آخر...



٠ تعليق

أحدث منشورات

عرض الكل

Comments


bottom of page