سعيُ دولةِ قطرَ نحو سلام دائم
في ظل الحرب على غزة، وتوسُّعُ نطاق الصراع، يُبرزان مساعي دولة قطر المشهود لها في التوسط لتحقيق السلام دوليًا، بتناقض واضح مع الموقف الإسرائيلي المتعجرف، فدولة قطر بقيادة سيدي حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى الشيخ تميم بن حمد آل ثاني حفظه الله، أصبحت منارة أمل في هذه الأزمات المُتقلبة، لتسعى بجهد في هذه الأزمة تحديدًا لإبرام اتفاق لوقف إطلاق النار، الذي قد يفتح الباب لسلام مُستدام في المنطقة.
لقد سلطت تصريحات معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الأخيرة في حوار بالمجلس الأطلسي -بالعاصمة الأمريكية واشنطن- الضوءَ على التقدم الذي يتحقق في الجولة الأخيرة من المفاوضات، التي تشارك فيها أطراف أمريكية ومصرية وإسرائيلية، يوحي إطار الهدنة المحتمل، الذي كان لقطر دور رئيسي في تشكيله، بوقف لإطلاق النار قد يستمر حتى 60 يومًا، أو على أقل تقدير متجاوزًا حدود الاتفاق السابق الذي أفضى إلى إطلاق سراح أكثر من 100 ”رهينة“ إسرائيلية وجنسيات أخرى، وإدخال المساعدات الإنسانية لسكان غزة العتيدة في ظل هدوء حذر حينها، تعكس هذه المبادرة القطرية الرامية إلى التخفيف من الأزمة الإنسانية في غزة وتأمين إطلاق سراح الرهائن، التزامًا عميقًا بالسلام والاستقرار لدى الدولة.
أما في المقابل، فكان رد فعل إسرائيل على هذه الجهود متناقضًا، فمن استبعاد رئيس وزراء الاحتلال بشكل سريع إمكانية التوصل إلى اتفاق قريب، مع رفض الشروط المقترحة، إلى إشادة مكتبه بأن المفاوضات كانت إيجابية، نجد ”الانفصام“ السياسي المتواصل لإسرائيل، الذي يجلب النقد الدولي المستمر، ليواصل نتنياهو، الذي يتعرض لضغوط من جهات متعددة بما في ذلك أسر الرهائن، اتخاذ موقف متطرف، مُركزًا على الحل العسكري بدلاً من البحث الجاد في السبل الدبلوماسية للتسوية.
من جهتها، أعربت حماس عن دعوتها لـ «وقف إطلاق نار شامل وكامل» ، مُبدية استعدادها للدخول في مناقشات حول التفاصيل الإضافية، بما في ذلك مسألة الرهائن بعد توقف القتال، يشكل هذا الموقف نقيضًا لتردد إسرائيل في قبول وقف دائم لإطلاق النار، ما يُصور حكومة إسرائيل على أنها أكثر رغبة في استمرار النزاع عن السعي لحل سلمي.
أما ميدانيًا فتبقى الأحوال متأزمة، حيث أدت العمليات العسكرية الإسرائيلية الأخيرة في خان يونس إلى ارتقاء أكثر من 350 شهيدًا، ليبرُز هذا العنف المُتواصل الحاجة الماسة إلى وقف إطلاق النار، ويسلط الضوءَ على الدور الحاسم الذي تلعبُه قطر في مساعي إنهاء الأعمال العدائية، ليعكس التفاوت بين الجهود الدبلوماسية لقطر والتوجه العسكري الإسرائيلي مؤشرًا على الاختلاف في الأولويات والمنهجيات بين الأطراف المعنية.
الرأي الأخير…
يعدُ دور قطر كوسيط، نظرًا لتاريخها في تيسير الاتفاقات السابقة جوهريًا في هذه المفاوضات، ولكن يبقى طريق السلام مليئًا بالتحديات، ولعل أبرزها تردد إسرائيل الواضح عن الانخراط بالكامل مع شروط وقف إطلاق النار المقترحة، حيث تتطلب هذه الحالة إعادة تقييم للأولويات لشركاء مثل الولايات المتحدة للتركيز على الدبلوماسية والاعتبارات الإنسانية على حساب الأهداف العسكرية.
(دليل أي مفاوضات ناجحة هو عدم حصول أحد على كل ما يريد).
إلى اللقاء في رأي آخر ،،،
Kommentare