الدورة الانتخابية الحالية نقطة تحول
ونحن على مشارف الموسم الانتخابي الأمريكي الذي يبدأ خلال الأسابيع القليلة القادمة، ستشكل الحرب المستمرة على غزة محورًا حاسمًا في تلك الانتخابات الرئاسية، حيث يواجه المرشحون تحدي تبني موقف يعبر عن القلق المتزايد حيال حقوق الإنسان والعدالة في العدوان الإسرائيلي على غزة، لتتخطى أهمية هذه القضية الحدود الإقليمية، فتصبح مؤشرًا على مدى التزام كل مرشح بمبادئ حقوق الإنسان العالمية وبسياسة خارجية متوازنة، عوضًا عما كان في الماضي من تبنِ أعمى لانتهاكات قوى الاحتلال.
لطالما كانت الولايات المتحدة فاعلًا رئيسيًا في نزاعات الشرق الأوسط، وغالبًا ما لعبت دور الوسيط إلى حد ما، إلا أن تأثير سياساتها على الأوضاع في غزة أثار تساؤلات دولية في الداخل الأمريكي بشأن التزامها بحقوق الإنسان ومعاملة الأطراف بعدالة، وفي إطار الانتخابات الرئاسية، أصبحت غزة رمزًا لضرورة اتباع الولايات المتحدة لسياسة خارجية ترتكز على حقوق الإنسان، خصوصًا في قضايا مثل حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.
يذهب النقاد إلى أن سياسة الولايات المتحدة الخارجية تتأثر بشكل غير متكافئ بتأثير اللوبي الإسرائيلي، مما يؤدي إلى تحيز يغفل حقوق الفلسطينيين والأزمات الإنسانية المتزايدة والمتكررة، أدى هذا النقد الداخلي إلى الدعوة – والتي أصبحت ولأول مرة ذات شعبية هائلة – للعدالة والمساواة، لتُحَث الحكومة الأمريكية على إعادة النظر في سياساتها التي تميل تاريخيًا لصالح إسرائيل وتغفل معاناة وحقوق الفلسطينيين.
تمثل الدورة الانتخابية الحالية نقطة تحول، حيث يزداد إلحاح الناخبين، وخاصة الشباب والتقدميين (الصوت الانتخابي الحرج للرئيس بايدن) في المطالبة بموقف أمريكي يعترف بحقوق الشعب الفلسطيني في وطنه المستقل وانتهاكات العدوان الإسرائيلي لحقوق الإنسان المستمرة، ولقد وجدنا أن هذا التحول في الرأي العام بدأ يغير الخطاب السياسي تدريجيًا، مما يضغط على المرشحين للابتعاد عن السردية المؤيدة «تقليديًا» لإسرائيل والذي كثيرًا ما يتجاهل الأصوات والمخاوف الفلسطينية، ليطرح خطابًا – رغم أنه منزوع الدسم – جديدًا، ليجده نتنياهو من وجهة نظره اليوم «خطابًا مسمومًا» لم يعهد المحتل سماعه.
الرأي الأخير …
مع بداية العام الجديد وانطلاق الموسم الانتخابي بشكل رسمي، سيواجه المرشحون للرئاسة مهمة دقيقة في مواءمة سياساتهم مع الرأي العام الذي يتطور نحو تفضيل نهج أكثر عدلًا وتركيزًا على حقوق الإنسان وإنصافًا للشعب الفلسطيني، لنجد ربما الابتعاد عن الأرثوذكسيات المؤيدة لإسرائيل والتي قد تؤدي إلى رد فعل سياسي واتهامات بمعاداة السامية، الشيء الذي إما سيخرج الولايات المتحدة تمامًا خارج دائرة التأثير فيما يحدث في الأراضي المحتلة خلال العام القادم، أو سيؤدي إلى زلزال سياسي يغير من قوانين اللعبة الانتخابية إلى الأبد، ولكن مما لا شك فيه أن الأموال الطائلة التي سيتم «استثمارها» إما لتشويه سمعة طرف أو تلميع طرف آخر قد تخلق صراعات أخرى تبدأ في أروقة السياسة «الواشنطونية»، ولكن تأثيرها سيكون عالميًا، فلنتابع معًا عن كثب تلك المساحة.
(المعرفة لا تعتمد على الحقيقة وحدها، بل على الخطأ أيضًا)
إلى اللقاء في رأي آخر،،،
Comments