top of page
  • صورة الكاتبنواف بن مبارك آل ثاني

نعم .. يا سعادة الوزير



تخيل هذا: مكتب فاخر، مزيّن بأرقى التشطيبات الذهبية. هذا هو الإطار المبهر لمكتب وزير عربي - سواء في مبنى وزارة، أو خيمة بدوية - فهذا هو المكان المثالي لمسرح البيروقراطية. بطلنا؟ ”سعادته“، الوزير العربي النموذجي. رحلته في التنقل بين الممرات اللامتناهية للإدارة العربية تشبه، كما قد يقول السير همفري أبلبي - تلك الشخصية الفكاهية من مسلسل البي بي سي الشهير في أوائل ثمانينيات القرن الماضي - ”درسًا في الحذر الدبلوماسي“.

”سعادته“ ليس مجرد وزيرٍ عادي، فبدلته مكوية بدقة، لكن طموحاته تحتها أكثر تجعدًا، بالنسبة ”لسعادته“، فإن "التقدم" يعني الحفاظ على الوضع الراهن أكثر من ابتكار طرق جديدة للتطوير، افليس هذا الأساس الذي تُبنى عليه جميع التقاليد العظيمة؟

كل وزير يحتاج إلى مدير مكتب فذ، إليكم ”المدير“، الخبير في تأخير الأمور. إنه مؤمن بقوة بفضائل البيروقراطية: (التأخير، التأجيل، والتفويض)، العبارة التي يقولها ”المدير“ دائمًا؟ "إن شاء الله، سننظر في ذلك" (وهو ما يعني "سيستغرق الأمر وقتًا طويلاً، إذا قررنا حتى النظر فيه").

”يا مدير، ما هو آخر تحديث حول مبادرة تمكين الشباب؟" قد يسأل ”سعادته“ يومًا ما، ليجيب ”المدير“، بنبرة متأملة : ”آه.. نعم سعادتك، هذه المبادرة؟ نحن ننتظر الموافقة المبدئية من اللجنة الفرعية لإنشاء فريق تقييم سيحدد جدوى اللجنة الرئيسية لرفع توصياتها النهائية ، إن شاء الله، سنحسم القرار خلال بضع سنوات“.

تعتبر الاجتماعات جوهر عمل ”سعادته“. تمتلئ أيامه بجلسات تضم وفودًا ضخمة، ووجبات فاخرة، وإعلانات رنانة. لكن القرارات الفعلية؟ هي نادرة كامطار الصيف في الصحراء، أما جولات ”سعادته“ الدولية تتميز برونق استثنائي، فقد يعتقد البعض أنه يسعى لتحقيق السلام العالمي، لكن في الواقع، عادة ما يكون مشغولًا بحضور مؤتمر حول، الشكل المثالي ”للبطيخ“.

وبالطبع، يجب ان لا ننسى الاعلام، فأي بيان يصدره ”سعادته“ هو درس في الفصاحة دون الإفصاح.  قد يعلن "نحن ملتزمون باتخاذ خطوات متقدمة نحو المستقبل"، ليترك الجميع في حالة من التساؤل والذهول.


الرأي الأخير …


من السهل الضحك على صورة ”سعادته“ الكاريكاتيرية كما تم تصويرها في مسلس ”نعم .. يا سعادة الوزير“ واللذي بُث لاول مرة عام ١٩٨٠، لتقول عنه الامرأة الحديدية تاتشر ” ذلك المسلسل اقرب للحقيقة من الفكاهة“، ولكن خلف هذه السخرية تكمن رسالة جادة، وهو الأمل في تطور إدارات بعض الدول العربية وتحديثها، وأن تكون أولوياتها تلبية لاحتياجات مواطنيهم أكثر من الظهور واللمعان.

في النهاية، على الرغم من سخريتنا من شخصية ”سعادته“، ما نتمناه حقًا هو جيل جديد من المسؤولين العرب الشفافين والفعالين، الملتزمين بتحقيق التقدم الحقيقي، حتى ذلك الحين، سنظل ننتظر الحلقة القادمة من "نعم، يا سعادة الوزير"، معلقين على أمل تطور في الأحداث.



(عندما تغيب العدالة، تتفشى الهمجية)

إلى اللقاء في رأي آخر ،،،


٠ تعليق

أحدث منشورات

عرض الكل
bottom of page