منافسو ترامب سيكونون أكثر جرأة عندما «يشتمّون الدم في الماء»؟
يتحدث الكثيرون في الإعلام و في أروقة السياسة الأمريكية هذه الأيام عن نهاية ترامب السياسية، وبدأ الحديث يزداد بعد التهم الجنائية الأخيرة التي وُجهت له رسميًا بالأمس أمام المحكمة الفيدرالية في ولاية فلوريدا، ولكنه حتى هذه اللحظة وبالرغم من التهم الجنائية العديدة التي وُجهت له فإن الرئيس السابق ترامب يُعد من أهم الشخصيات المؤثرة على الساحة السياسية الأمريكية لاسيما الحزب الجمهوري، حيث لا يزال في مقدمة المتنافسين للفوز بترشيح هذا الحزب لخوض الانتخابات الرئاسية القادمة. ولذلك فإن الحديث عن نهاية ترامب وانحسار نفوذه قد يكون سابقًا لأوانه، إلا أن هذه التهم الجنائية الخطيرة -التي تشمل تهم إفشاء الأسرار الوطنية وعشرات التهم التي تقع ضمن قانون مكافحة الجاسوسية- وضعت الحزب الجمهوري بين مطرقة الواقع القضائي للرئيس السابق ترامب، وسندان الموجة الشعبوية القوية المؤيدة للرئيس الأمريكي السابق والقاعدة الرئيسية لأعضاء الحزب الجمهوري تحديدًا، الشيء الذي إن لم يعالج بشكل دقيق قد يؤدي في أفضل الحالات إلى خسارة الحزب الجمهوري للسباق الرئاسي القادم، وفي أسوَئها إلى عزوف جيل انتخابي بأكمله من مؤيدي ترامب عن النشاط السياسي، وذلك حيال ما قد يرونه تخليًا للحزب الجمهوري عن أبرز مرشحيه أثناء مايسمونها «بمحاكمة سياسية بحتة».
من المتوقع أن نرى من الحزب الجمهوري في الأسابيع القادمة عملية «جس نبض» للشارع السياسي الأمريكي المحافظ لمدى تأييدهم لترامب بعد الكشف عن إفشاء الأسرار وخرق قانون الجاسوسية، وذلك بقيام أعضاء بارزين من الحزب بإمساك عصا السياسة من المنتصف وذلك بتوجيه الانتقاد للرئيس السابق حيال ما فعله من الاحتفاظ بمستندات سرية بعد تركه للرئاسة، دون تأييدهم لتهم الجاسوسية أو إجراءات محاكمته، وذلك لتقدير مدى تمسك مؤيدي الرئيس السابق به فعليًا، ومن المؤكد أن منافسي ترامب سيكونون أكثر جرأة عندما «يشتمّون الدم في الماء» إذا ما لقوا قبولًا من قبل الناخبين الجمهوريين لانتقاد أفعال الرئيس السابق، ولكن بالمقابل قد يتفاجأ الحزب الجمهوري بأن قاعدة الحزب وفي ظل الأزمة المجتمعية الحالية في الولايات المتحدة -التي احتلت مركزًا بارزًا ضمن أولويات المواطنين بين مؤيدي ومناهضي حركة اليقظة الليبرالية المطالبة بالتحرر المجتمعي من التابوهات- قد لا يبالي بمرشح رئاسي يفشي أسرارًا يرونها «قديمة» للدولة، إذا ما كان هذا المرشح سيحارب من أجل الحفاظ على المبادئ المجتمعية للحزب الجمهوري المحافظ. وعندما نضيف العنصر الاقتصادي المتدهور حاليًا في الولايات المتحدة فإننا سنجد أن التحدي السياسي للحزب الجمهوري -الذي أصبح واضحًا بأنه يريد الابتعاد عن ترامب- قد ينتقل من التعقيد إلى التأزيم.
الرأي الأخير..
بلا شك إن المستفيد الأوحد من الانقسامات السياسية داخل الحزب الجمهوري وإمكانية إبعاد الرئيس السابق ترامب عن ساحة المنافسة، هو الرئيس «الديموقراطي» بايدن، حيث وصف النائب العام الأمريكي السابق في عهد الرئيس ترامب بأن هذه المحاكمة ستكون «نهاية ترامب لا محالة» إلا أننا يجب أن لا ننسى بأنه في عام ٢٠١٦ عندما سُئل الرئيس أوباما حينها عن الإمكانية الواقعية لفوز «المرشح» ترامب بالرئاسة الأمريكية فرد ضاحكًا «لا تقلقوا.. فلا يمكن لهذا أن يكون رئيسًا» !!!
(أن تتعثر بقدمك أفضل من أن تتعثر بلسانك)
إلى اللقاء في رأي آخر …
Comments