top of page
  • صورة الكاتبنواف بن مبارك آل ثاني

الصفر المطلق

نظرة جدیدة على حلف الناتو، العالم العربي، و حرب أوكرانیا

عد انتهاء القمة الأخيرة للناتو وسط توتراتٍ مُرتفعةٍ، لا يزال طلب أوكرانيا للعضوية مُعلقًا، ما يدفعنا نحو إعادة النظر في أحد الأطر القديمة للعَلاقات الدولية وهي «لعبة الصفر المطلق»، يقترح هذا المفهوم الذي يأتي من نظرية «الألعاب» – وهي نظرية في علم الرياضيات – أنه في لعبة القوة يكون الربح الذي يُحققه اللاعب مُرتبطًا مُباشرة بخَسارة اللاعب الآخر، لكن في المتاهة الجيوسياسية للقرن الحادي والعشرين، وتحديدًا في محور حلف الناتو والعالم العربي وأوكرانيا، علينا أن نتساءلَ: هل ما زال التفكير القائم على «الفائز يأخذ كل شيء» هو الأفضل للمضي قُدُمًا؟

في قلب ميثاق الناتو يوجد مبدأ الدفاع الجماعي، وهو التعهد بالعمل «كدرع ضد الأعداء»، والذي كان تقليديًا يُشير إلى روسيا، ولكن مع اقتراب أوكرانيا – تلك الأمة التي تحمل ندوب الصراعات السابقة، والمُمزقة بين طموحاتها الأوروبية والعَلاقات التاريخية مع روسيا – من الغرب، بدأت تبتعد الأمور عن البساطة بل والاتجاه إلى المزيد من التعقيد.

في الوقت ذاته، يُتابع العالم العربي – وهو كما يراه الغرب مجموعة مُعقدة من الدول غير الديمقراطية التي يُهددها الاستقرار بسبب النزاعات الإقليمية والمعارك الداخلية – بقلقٍ شديدٍ ما يجري من حوله، فقد يُشير توسع الناتو ونفوذ الغرب المُتقدّم إلى تحوّلات جيوسياسية كبيرة وقريبة يجب أن تتعاملَ معها هذه الدول.

وتزدادُ الأمورُ تعقيدًا مع تباين السياسات «الطاقوية» العالمية، فبين أوكرانيا بصفتها بلد العبور الرئيسي للغاز الطبيعي الروسي إلى أوروبا، وبين العالم العربي بمخزوناته الضخمة من النفط والغاز، نجد أن كلًا منهما يلعب دورًا حاسمًا في سوق الطاقة العالمية، حيث قد يخلّ أي تدخل أكبر للناتو في أوكرانيا هذا التوازن الهش، وربما يجرّ العالم العربي إلى مواجهةٍ مُشابهةٍ لمواجهة الحرب الباردة.

ومع إدراكنا لأولوية التحديات المُشتركة مثل التغيّر المناخي، والأوبئة، والتهديدات السيبرانية والإرهاب، التي تحتاج إلى حلولٍ مُشتركةٍ، يجب أن ترى الدول العربية في أوكرانيا والدول المُحيطة بها مثل بولندا، جسورًا بين الشرق والغرب، بدلًا من أن تكونَ ساحة معارك للتأثير أو تصفية الحسابات، حيث يمكن أن تنخرطَ الدول العربية بشكل أكبر في أي مُحادثات سلام أو اعتبارات أمنية دولية.

الرأي الأخير ...

بدلًا من الاستمرار في لعبة الصفر المطلق العالمية الأكثر تشددًا، نحن بحاجةٍ إلى نهج أكثر تعاونًا واحتواءً يُخاطب المخاوف الأمنية والاقتصادية لكل الأطراف المعنية للعثور على حلول دائمةٍ ومُستدامةٍ للتحديات التي نواجهها، ويجب أن نبحثَ عن استراتيجيات تعود بالنفع على الجميع، لكن في نهاية المطاف فإن الأمن والازدهار الدوليين مُرتبطان بصورة مُباشرة بالقدرة على التعاون وتبادل المصالح، وإلا فإنه لا بديل عن التفوق في لعبة الصفر المطلق.

(نصف الحقيقة غالبًا ما تكون كذبة عظيمة)

إلى اللقاء في رأي آخر...


٠ تعليق

أحدث منشورات

عرض الكل

コメント


bottom of page