لا يُحفظ السلام بالقوة . . .
دخلت الحربُ الأوكرانيةُ مرحلةً جديدةً بعد أن شنَّ الجيش الأوكراني هجومًا مُضادًا بطيئًا ضد القوات الروسية بداية هذا الصيف، رغم أن البعض يرى في هذا الهجوم مظهرًا من مظاهر الصلابة والتصميم، إلا أن هناك كثيرين يشعرون بالإحباط بسبب بطء التقدم على الأرض، وربما يكون أبرز هؤلاء الجنرال الأمريكي مارك أرنولد الذي صرّح لصحيفة الواشنطن بوست يوم الإثنين الماضي بأن «الولايات المُتحدة هي المُسبب الرئيسي لعدم تحقيق التقدم الأوكراني المأمول»، مُلمّحًا بذلك عن اعتقاده بأن الولايات المُتحدة لم توفر لأوكرانيا الأسلحة الكافية لتحقيق الانتصار.
وفي ضوء التطوّرات الأخيرة في النزاع، أعلن الرئيس زيلينسكي يوم الأحد الماضي أنه تمَّ استبدال وزير الدفاع ريزنيكوف بالنائب رستم أميروف، وهو من القومية التترية، وأوضح في حسابه الرسمي على تيليجرام أن التغيير كان ضروريًا، وذلك «بعد خوض ريزنيكوف أكثر من 550 يومًا من الحرب الشاملة»، وأضاف في خطابٍ ألقاه ليلًا أنه يعتقد أن «وزارة الدفاع تحتاج إلى نهج جديد».
ومع الضخ الغربي للمبالغ والعتاد لإنجاح الهجوم المُضاد، إلا أنه من الصعب تحديد أسباب بطء ذلك الهجوم والذي أصبح اليوم حرب استنزاف، ولكن يمكننا هنا الإشارة إلى عوامل عدة قد تلعب دورًا مُهمًا في وتيرة أي حرب استنزاف، أولها أن التواجد العسكري الروسي القوي في أوكرانيا خلال هذه المرحلة هو تواجد دفاعي، وبطبيعة العمليات العسكرية، فالمُدافع سيكون في وضع أفضل من المُهاجم، ثانيًا: من سمات حروب الاستنزاف أنها حروب «سلاح المدفعية» والتفوّق الروسي في هذا الجانب وعدم السيطرة الجوية الكاملة للجانب الأوكراني هما من بين أهم العوامل المؤثرة، وأخيرًا فإن التغييرات على مستوى القيادة – كما شاهدنا هذا الأسبوع – وتوجه جهود الجيش الأوكراني لإعادة تنظيم صفوفه باستمرار أثناء العمليات، كلها ستؤدّي إلى الموقف الحالي في هذه المرحلة من الصراع، ومع توقع تسجيل تقدم محدود على الجبهة، إلا أن القوات الأوكرانية ستحتاج لإعادة السيطرة على بعض المناطق في الجنوب وبشكل أسرع لإثبات نجاح العمليات الحالية.
لا شك أن المُجتمع الدولي له دور في هذا الصراع، فقد قدمت الولايات المُتحدة وحلفاؤها دعمًا عسكريًا واقتصاديًا لأوكرانيا، فيما فرضت عقوبات على روسيا، ومع ذلك، يعتقد البعض أن تلك العقوبات وذلك التسليح قد أدَّيا إلى تصعيد الوضع الحالي، ولكن هل يكفي هذا الدعم الغربي لتحقيق النصر؟ أم أن غول الحرب سيبتلع الأكثر فالأكثر؟
الرأي الأخير...
النزاع في أوكرانيا مُعقّد وله جذور تاريخية وسياسية ستؤثر على مُستقبل العَلاقات الدولية في القارة الأوروبية لعقود، لذلك يتعين على جميع الأطراف البحث عن حلول دبلوماسية لضمان السلام والاستقرار في المِنطقة، ومع مرور هذا الأسبوع أصبح من الواضح أنه وكباقي حروب الاستنزاف، فإن الفائز الوحيد هو الوضع الراهن.
(لا يُحفظ السلام بالقوة)
إلى اللقاء في رأي آخر،،،
Comments