top of page
  • صورة الكاتبنواف بن مبارك آل ثاني

قطر ودبلوماسية الصحراء

الدبلوماسية هي فن السماح للآخرين بتحقيق ما تريد

في السياق الجيوسياسي المُعقد للشرق الأوسط، نجد دولة قطر تقف نموذجًا فريدًا للدول التي استطاعت أن تحافظ على موقف الاتزان معززةً في الوقت نفسه للحوار الدولي. وفي ظل التوترات المتصاعدة والتحديات الدبلوماسية المتجددة، استطاعت دولة قطر أن تثبت نفسها كطرف فاعل وأساسي في المشهد الدبلوماسي الدولي. فمع الوساطة الناجحة الأخيرة بين الولايات المتحدة وإيران لاستبدال السجناء يوم الاثنين الماضي، يتكرر السؤال وبخاصة في الغرب، كيف تنجح قطر فيما يفشل فيه الآخرون؟

إرث الوساطة

لنبدأ بذلك، فقطر تمتلك تاريخًا طويلًا في فن الوساطة، مستندًا إلى تقاليدها العربية الأصيلة وجذورها البدوية القديمة في التواصل وبناء التوافق. هذه الممارسات -التي نشأت في أعماق الصحراء- خدمت الدبلوماسية القطرية في الأزمان المعاصرة كذلك. فقد لعبت دولة قطر، على سبيل المثال، دورًا مركزيًا في التوسط بين الفصائل المتنازعة في لبنان عام 2006، وفي السودان عام 2010، وفي اليمن عام 2011.

الحياد كقوة

ما يميز السياسة الخارجية لدولة قطر هو التزامها بالحياد الواقعي عندما يكون الحياد ممكنًا، ما جعلها منفتحة على التعامل مع مجموعة متنوعة من الأطراف الدولية لتحقيق الأمن والسلم الدوليين. وقدمت قطر منصةً موثوقةً للحوارات الدبلوماسية وتبادل الآراء، حيث استضافت محادثات بين الولايات المتحدة وطالبان في 2020، تلاها استضافتها لمحادثات السلام الأفغانية المعمقة في الدوحة.

الاستثمار في القوة الناعمة

رغم أن احتياطيات الغاز الطبيعي تعتبر حجر الزاوية لقوة قطر الاقتصادية، إلا أن استثماراتها في المجالات الثقافية والإعلامية وأدوات القوة الناعمة الأخرى قد ساهمت في تعزيز تواجدها على الساحة الدولية. فقد قدمت قناة الجزيرة منبرًا للأصوات التي كثيرًا ما تغيب عن الإعلام الدولي، بينما تعمل مؤسسات أخرى مثل مؤسسة قطر والمدينة التعليمية وكذلك هيئة المتاحف على تقريب الثقافات وتعزيز البحث العلمي.

الشراكات الاستراتيجية

تعكس قاعدة العِديد الجوية الشراكة الاستراتيجية بين قطر والولايات المتحدة، إلا أن الشراكات الدفاعية والأمنية لم تقتصر على ذلك فحسب. فبين تأمين الدعم والمشاركة في أكبر جسر جوي منذ الحرب العالمية الثانية – عند الانسحاب الأمريكي من أفغانستان – إلى تأمين ذلك الانسحاب على الأرض ووصولًا إلى القدرات الاستراتيجية الاستثنائية في العمليات الإنسانية، فقد كانت دولة قطر حريصة على الشراكات التي تخدم مصلحتها الوطنية وتفيد المجتمع الدولي.

الرأي الأخير …

مع استمرار التحوّلات في المشهد الدولي، والمتغيرات الدولية الديناميكية من حولها، فإن استراتيجية قطر ستستمر في التطور والتكيف، ويظل الاستثمار في الوساطة والقوة الناعمة وبناء الشراكات الاستراتيجية أساسًا لنهجها. ومع التركيز المتزايد على الاستدامة والابتكار في مجال الطاقة، فإن الدور العالمي لقطر موعود بالنمو، الشيء الذي يتوقع أن يتضاعف في السنوات المُقبلة.

(الدبلوماسية هي فن السماح للآخرين بتحقيق ما تريد)

إلى اللقاء في رأي آخر ،،،


٠ تعليق

أحدث منشورات

عرض الكل

Comments


bottom of page