top of page
  • صورة الكاتبنواف بن مبارك آل ثاني

كنزُ المكتبة الوطنية

غرفة بلا كتاب، كجسد بلا روح

وسطَ أفق الدوْحة المُتجدد، وبين أبراجها الحديثة وأسواقها العتيقة، تقع جوهرةٌ تمثل لي وللكثيرين أكثر من مجرد مبنى، بل هي كنز ثقافي، مكتبة قطر الوطنية، هذا المكان، الذي عكسَ مزيجًا فريدًا من الحداثة والتراث ليمثلَ رمزًا لتقدير الوطن للمعرفة وتطلعاتنا كشعب نحو المُستقبل.

فور دخولي هذه التحفة المعمارية، التي صممها المعماري العالمي ريم كولهاس، انتابني شعور عميق بالفخر والإعجاب، فمن جوانبها المعمارية المبتكرة والنوافذ الزجاجية الواسعة التي تعكس سماء الدوحة، إلى الأقسام التكنولوجية التي تتيح تفاعلًا فريدًا لكل زائر، تقوم المكتبة بتجسيد فكرة إنشائها كمركز للابتكار، حيث تمزج بين الفن المعماري والتقنيات الحديثة، موفرةً تجربة لا مثيل لها، ولتجمع بين تاريخنا وتراثنا وبين قصصنا وأحلامنا، فهناك المخطوطات العربية والإسلامية القديمة التي تتحدث عن عصورنا الذهبية، وهناك الكتب الحديثة التي تعكس واقع قطر اليوم ونظرتنا للغد.


منذ الصغر، كنت أرى في المكتبات ملاذًا ساكنًا وهادئًا للقراءة والبحث لا أكثر، ولكن في مكتبة قطر الوطنية شعرتُ بالنشاط والحيوية، فالأقسام التكنولوجية الحديثة تسمح للزائر بالتفاعل مع تلك المخطوطات النادرة، والمساحات المفتوحة تعج بالنقاشات وورش العمل والمعارض الفنية، وهنا، يتبادل الشبابُ من طلبة الجامعات الحوار مع الزوّار من كل أنحاء العالم، ضمن تبادل ثقافي غنيّ بالتنوع الفكري، لتصبح المكتبةُ اليوم أحد أبرز الوجهات التي يسعى إليها الزوار للتعرف على نبض الثقافة القطرية، انعكاسًا لرؤية الوطن.

توجد في المكتبة مساحات مخصصة لكل فئة عمرية، لتذكرنا بالقصص التي تربينا عليها ولننتظر من خلالها القصص التي لم تُروَ بعدُ، فقسم الأطفال المملوء بالنشاط هو عهد بمستقبل وطننا المُشرق، والمناطق المُخصصة للباحثين تعكس احترامنا للبحث العلمي والثقافي.

المكتبةُ ليست فقط ملاذًا للقرّاء في قطر فحسب، بل تعد نافذة تطل من خلالها قطر على العالم، وذلك من خلال مكتبة قطر الرقمية لتمثل المكتبة جسرًا بين الثقافات، ليس فقط لتوفير الكتب من جميع أنحاء العالم، ولكن أيضًا لتقديم الموارد التي تعكس تراث قطر وثقافتها للزوار من خارج البلاد.

الرأي الأخير …

لقد أعطتني مكتبة قطر الوطنية نظرة جديدة عن رؤية الدولة نحو المُستقبل، فالاستثمار في المعرفة والتعليم يعكس التزام الدولة ببناء مستقبل مستدام ومتقدم، وأن هذه المكتبة مع مرافقها التعليمية وبرامجها التواصلية تمثل حجر الزاوية في هذا السعي، لم تكن زيارتي لمكتبة قطر الوطنية مجرد جولة، بل كانت رحلة عبر الزمن تمتد من الماضي الغني إلى المستقبل المملوء بالأمل، وأن المكتبة، في نظري، تمثل الجسر بين الجذور التاريخية للبلاد وتطلعاتها الحالية، وأنا ممتن لهذه التجربة التي ذكرتني في خضم حياتنا اليومية بعمق تراثنا وأطلعتني على الرؤية الثقافية المُشرقة التي يسعى الوطن لتحقيقها.

(غرفة بلا كتاب، كجسد بلا روح)

إلى اللقاء في رأي آخر،،،


٠ تعليق

أحدث منشورات

عرض الكل
  • RSS
  • X
  • Instagram
  • Youtube

جميع الآراء هنا تمثل آراء الكاتب الشخصية فقط.

pod144r21.tif
pod37_edited_edited.png

© 2024 Nawaf bin Mubarak Al-Thani, All rights reserved.

bottom of page