رفح والمواجهة القادمة في ظل تصاعد العنف في غزة
مع تصعيد إسرائيل عملياتها العسكرية في قطاع غزة، يبرز شبح مرحلة جديدة مروعة في الأفق القريب، تستهدف مدينة رفح هذه المرة، ما يشير إلى تحول حرج في الأزمة الإنسانية المتفاقمة أصلًا، لقد صرح وزير الدفاع الإسرائيلي بأن رفح، التي لجأ إليها مئات الآلاف فرارًا من العنف والقتل الهمجي، ستكون الهدف التالي للهجوم البري الإسرائيلي، إن هذه المدينة التي باتت تئن تحت وطأة استقبالها لغالبية سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة تواجه الآن كارثة إنسانية غير مسبوقة.
إن التكلفة البشرية لهذا الصراع مروعة، فمع بلوغ عدد من ارتقوا إلى أكثر من 28,700 فلسطينيًا وإصابة البنية التحتية بأضرار جسيمة بسبب القصف المتواصل، فإن الغارات الجوية المستمرة في المنطقة الجنوبية من رفح لم تقتل الأبرياء فحسب، بل أجبرت الناجين على حفر الأنقاض بأيديهم العارية، ما يعد دليلًا على بشاعة الهجمات.
لقد أدى هذا الصراع إلى تشريد أكثر من 90% من سكان غزة في تطهير عرقي لم يشهد له العالم مثيلًا، مما دفع بغزة إلى حافة الهاوية، حيث أصبحت الضروريات الأساسية للحياة شحيحة، وبات الأمل في غد أفضل يبدو بعيدًا، هذا التصعيد العسكري لا يزيد الطين بلة فقط بالنسبة للشعب الفلسطيني، بل يقوض أيضًا أي جهود نحو تحقيق سلام دائم في المنطقة، فقد حذر المجتمع الدولي بما في ذلك أصوات من داخل الولايات المتحدة، من العواقب الوخيمة لهذه العمليات، مؤكدًا على الواجب الأخلاقي والضرورة الاستراتيجية لحماية المدنيين وتجنب الأفعال التي من شأنها تعميق مشاعر ما أسموه بـ «العداء واليأس».
من الضروري أن ننظر إلى هذه التطورات على أنها ليست مجرد حوادث حرب معزولة، بل تجليات لسياسة عنصرية أوسع نطاقًا أدت إلى قمع وتعذيب السكان الفلسطينيين بشكل منهجي، إن استهداف رفح المدينة التي أصبحت ملجأً للنازحين يمثل تصعيدًا مقلقًا آخر في استراتيجية بدت واضحة بأنها تعطي الأولوية للأهداف السياسية على حساب حياة الإنسان.
تتطلب الخسائر الفادحة في البنية التحتية المدنية، وتشريد الملايين، وفقدان الآلاف من الأرواح إعادة تقييم عاجلة لسياسات تلك الدول المعترضة على استحياء تجاه هذه الإبادة الجماعية، وسيكون رد فعل المجتمع الدولي تجاه هذه التطورات شهادة على التزامه بحقوق الإنسان ومبادئ العدالة والسلام والتي لطالما تشدق بها، ومن الضروري أن تأخذ جميع الأطراف المعنية في الاعتبار الآثار طويلة الأمد لأفعالها، ليس فقط على النزاع الحالي ولكن أيضًا على آفاق السلام في المنطقة.
الرأي الأخير …
في هذه اللحظة الحرجة، يجب تعزيز الأصوات التي تدعو إلى وقف إطلاق النار فورًا، وحماية المدنيين، والعودة إلى الحوار، فالطريق نحو السلام مليء بالتحديات، ولكن من خلال الفهم والتعاطف والالتزام الراسخ بكرامة الإنسان، يمكن العثور على حل، فالمأساة التي تتكشف اليوم في رفح وفي جميع أنحاء غزة ليست مجرد مسألة إقليمية، وإنما هي أزمة إنسانية عالمية تتطلب اهتمام وتحرك المجتمع الدولي بأكمله.
(لا يمكنك منع الحرب والاستعداد لها في الوقت نفسه)
إلى اللقاء في رأي آخر،،،
Comments