top of page
  • صورة الكاتبنواف بن مبارك آل ثاني

مَدافِعُ إِبْرِيل

تغيير قواعد اللعبة في الشرق الأوسط


في التصعيد الأخير للتوترات في الشرق الأوسط، يُمثل الهجومُ الإيراني على إسرائيل تحوّلًا بارزًا عن الاشتباكات السابقة، حيث يُعتبر هذا الحادث، الذي وصفته طهران بـ «الدفاع عن النفس»، دليلًا على التحوّل إلى مرحلة جديدة ومُقلقة من الغموض الاستراتيجي، ومن خلال التمعّن في هذا الفصل الجديد من الصراع الأبدي في الشرق الأوسط، يُصبح من الواضح أن استقرار المِنطقة والدبلوماسيّة الدوليّة يتأرجحان على حافة الخطر.

لم يوجد هذا الفصل الجديد من الصراع الشرق أوسطي من فراغ، بل يعكس شبكةً مُعقدةً من السياسات الإقليميّة التي لم تجد مخرجًا من الجرائم في غزة ولن تجدَ المخرج هنا، حيث يتم تفسير كل فعل ورد فعل بحثًا عن معانٍ أعمق لا وجود لها فعليًا، فإيران تسعى من خلال تبرير عمليتها العسكريّة كإجراء ضروري للدفاع عن النفس إلى لعب لعبة ذات شقين، من جهة، تهدف إلى تعزيز الدعم الداخلي من خلال تصوير نفسها كضحية للعدوان، تقف بشجاعة في وجه التهديدات الخارجيّة، ومن جهة أخرى، من الواضح أن طهران تُرسل رسالةً قاطعةً إلى إسرائيل وحلفائها: «لدينا الإرادة والوسائل للرد».

ومع ذلك، يتجاوز هذا النزاع الثنائي «البسيط» لتتردد أصداء هذا الهجوم بعمق في مِنطقة الخليج العربي، حيث يتزايد القلق من أن الوضع قد يتطوّر إلى حرب إقليميّة كارثيّة، فتجد هذه الدول نفسها – التي تعمل بالفعل على موازنة دقيقة – بين تحالفات إقليميّة مُتباينة، ووضع مُتزايد الخطورة.

في الوقت نفسه، كانت استجابة إدارة بايدن مُتوازنةً بشكل ملحوظ، لتُشير البيانات الرسميّة من البيت الأبيض التي صوّرت الهجوم على أنه «هجوم من إيران، ودفاع ناجح من إسرائيل» في مُحاولةٍ لخفض التوترات والمضي قُدمًا دون السماح لإسرائيل بجرّها إلى «تورط» إقليمي جديد، قد يكون هذا الموقف عمليًا ولكنه ليس خاليًا من المخاطر، فإنه يفترض مُستوى من العقلانية وضبط النفس من جميع الأطراف المعنية، فرضية قد لا تصمد، خاصة بالنظر إلى طبيعة السياسة المُتقلبة في الشرق الأوسط لا سيما في أروقة مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي.

وهنا يكمن جوهر المُشكلة: قد تكون الاستراتيجية العالمية الحالية تجاه النزاعات في الشرق الأوسط، والتي غالبًا ما توصف بأنها «حرب الخطابات الرنانة»، غير كافية لمنع تصعيد أكبر، فقد لا يتماشى نهج حكومة نتنياهو، المعروفة بسياساتها المُغامرة والعدوانية مع هذا النمط المُهادن من البيت الأبيض، فهناك خطر حقيقي أن يختارَ نتنياهو مسارًا يؤدّي إلى مُشاركات عسكريّة أكثر شدة، بدافع من الضغوط السياسيّة الداخليّة وما يصفونه بـ «التهديد الوجودي» لإسرائيل.

الرأي الأخير ...

في كتابها «مدافع أغسطس» الذي نُشر في ستينيات القرن الماضي سعت المؤرخةُ الأمريكيةُ باربرا توكمان إلى وصف أولى معارك شهر أغسطس من النزاع في أوروبا عام ١٩١٤ – الذي عُرف فيما بعد بالحرب العالمية الأولى – بأنه «كان شهرًا أعاد تشكيل أوروبا إلى الأبد»، وهنا أجد ما ذكرته باربرا من ذلك التطوّر البطيء للحروب يتجلّى في هذا الصراع الشرق أوسطي الجديد، ومع رغبة جميع الأطراف باستثناء حكومة نتنياهو إلى التهدئة، قد يتذكر التاريخ بعد عقود «مدافع إبريل» بأنها كانت بداية إعادة تشكيل الشرق الأوسط إلى الأبد.

(الحروب تكشف العيوب)

إلى اللقاء في رأي آخر،،،



٠ تعليق

أحدث منشورات

عرض الكل
bottom of page