top of page
  • صورة الكاتبنواف بن مبارك آل ثاني

لا بديل عن قطر

رسالة للعم سام ... وإلى كل من يهمه الأمر


في تاريخ دبلوماسية الشرق الأوسط المعقدة، قليلون هم الذين أظهروا الإرادة والقدرة على جسر الهوة بين الخصوم والأعداء كما تفعل دولة قطر، ومع الإعلان مؤخرًا عن إعادة تقييم الدوحة دورها كوسيط بين حماس وإسرائيل، تواجه واشنطن لحظة حرجة في رغبتها تحقيق نجاح سياسي في الشرق الأوسط في عام انتخابي من دون مساعدة قطر، إن سعي البعض لتهميش الدور القطري كوسيط فعّال نحو إيجاد السلام في المنطقة، إن تحقق لن يكون مجرد تعديل موقف دبلوماسي؛ بل سيكون خسارة كبيرة لمصالح دول عدة لاسيما الولايات المتحدة في المنطقة.


لطالما كانت تلعب دولة قطر – كما قال لي دبلوماسي أمريكي من عدة أيام – دور "الوسيط المعتمد في الخفاء" في ساحة الجيوسياسية بالشرق الأوسط و"مناطق أخرى"، والتي "لا يمكن الاستغناء عنها" على حد قوله، فقد استطاعت دولة قطر بفضل القيادة الحكيمة لسيدي حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى بإيجاد التوازن بين علاقاتها الإقليمية والحفاظ على مكانتها كحليف ثابت للولايات المتحدة، فدورها في تيسير وقف إطلاق النار في نوفمبر من العام الماضي، والذي شهد إطلاق سراح 81 رهينة إسرائيليًا مقابل قرابة ال 280 سجينًا فلسطينيًا وإدخال المساعدات الإنسانية، يؤكد على موقعها اللا غنى عنه في جهود السلام الإقليمي.


الانتقادات الموجهة ضد قطر، من وزراء في حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تعكس نظرة قاصرة لتعقيدات الدبلوماسية في الشرق الأوسط، وبينما من السهل محاولة جعل الوسطاء في أي نزاع كـ "كبش فداء" عندما تتعثر المفاوضات، إلا أن ذلك لن يجدي نفعًا، فلا يمكن إلا الاعتراف بأن جهود دولة قطر قد منعت في كثير من الأحيان تصاعد التوترات في السنوات الماضية، حفاظًا على الاستقرار الإقليمي وصونًا لحياة المدنيين.


لطالما كانت استراتيجية قطر مبنية على أسس القوة الناعمة، حيث استخدمت نفوذها الدبلوماسي دون ضجة، لتستضيف مكتب حماس السياسي ليس كتأييد لتيار سياسي دون آخر – فخيار من يمثل الشعب الفلسطيني هو شأن فلسطيني بحت – بل كجسر للحوار والحل وسبيل لإنقاذ الشعب الفلسطيني من نظام فصل عنصري مجرم، فتراجع قطر عن دورها كما يتمنى البعض سيؤدي إلى فراغ جيوسياسي لن يُملأ بسهولة، وبالمقابل فلا يجب أن يُترجم إعادة التقييم المعلن كترك لما تقوم به قطر، بل يجب النظر إليه كتهيئة للموقف القطري لما يخدم إنقاذ الأرواح بعيدًا عن تعقيدات السياسة الدولية الآنية، فلا بديل عن الدور القطري.


علاوة على ذلك فإن الانتقادات المتكررة والمطالب الصادرة من إسرائيل، جنبًا إلى جنب مع الدعم الفاتر من بعض الأوساط في واشنطن، تدفع الدوحة لإعادة النظر في عملها "غير المشكور"، وإنه تذكير بأنه حتى أكثر الوسطاء صبرًا، له حدود، عندما لا يتم لمس مساهماتهم بشكل كافٍ من الحلفاء الدوليين.


أما بالنسبة لواشنطن، فستكون الخسائر الواقعية لفقدان دور دولة قطر كوسيط – إن حدث – ملموسة، ومع هدف إدارة بايدن الأوسع لتحقيق الاستقرار في المنطقة والتحول لمواجهة تحديات عالمية أخرى في عام انتخابي حرج، فإن ضمان استمرار تفاعل قطر مع عمليات السلام بالشرق الأوسط أمر حيوي، فلا يتعلق الأمر فقط بإبقاء قناة مفتوحة مع منظمة حماس، ولكن أيضًا بالحفاظ على تحالف استراتيجي أوسع مع أحد أكثر شركاء أمريكا موثوقية في منطقة لا تتسم بالاستقرار.


الرأي الأخير…

بينما تدرس دولة قطر خطواتها التالية، يجب على الولايات المتحدة أن تنتهج سياسة حذرة، تقديرًا لدور قطر في الوساطة ولشراكتها الأوسع، إنه وقت لإظهار دور الدبلوماسية القطرية، ليس فقط في "أروقة القوة" في الدوحة، بل الاعتراف بها أيضًا في واشنطن وتل أبيب، فالاعتراف بدور قطر اللا غنى عنه في الدبلوماسية الشرق أوسطية ليس مجرد "لباقة" سياسية؛ بل إنه استراتيجية حيوية، ففي اللعبة المعقدة للدبلوماسية، حقًا.. لا بديل عن قطر.


(جوهر الدبلوماسية هو فهم مصالح الطرف الآخر)

إلى اللقاء في رأي آخر،،،

٠ تعليق

أحدث منشورات

عرض الكل
bottom of page