لمحةٌ عن الحاضر المُضطرب
على تلك الجبهة، أصبحت المُفاجأة هي القاعدة، ومع ذلك تبقى التطوّرات الأخيرة للحرب في أوكرانيا قادرةً على إثارة الدهشة وإعادة تشكيل فَهْمنا لهذا النزاع المُستمر، فخلال هذا الأسبوع، شهدنا سلسلةً من الأحداث ألقت الضوءَ على المشهد المحفوف بالمخاطر في أوكرانيا، ليُشير إلى تحوّل دراماتيكي في ديناميكيات هذه الحرب.
المُفاجأة الأولى جاءت من قلب روسيا، مع قرار الرئيس بوتين المُفاجئ باستبدال وزير الدفاع شويغو بعد نحو 12 عامًا في منصبه، لينتقل شويغو إلى منصب «قوي» كأمين لمجلس الأمن الروسي، في حين يخلفه أندريه بيلوسوف، الذي يتمتع بخلفية اقتصاديّة بدلًا من الاستراتيجيّة العسكريّة، كوزير للدفاع، ليصف لي ضابط استخبارات سابق في المُخابرات الأمريكيّة (CIA) هذا الحدث بأنه يُشير إلى «عدم الاستقرار الجدي» في صميم القيادة الروسيّة، ولكن ما تأثير هذا التغيير على مجرى الحرب؟ الأيام المُقبلة كفيلةٌ بالإجابة، ولكن رائحة عدم اليقين في موسكو قد تكون بنفس قوة رائحة البارود المُنتشرة عبر ساحات المعارك الأوكرانيّة.
على الجبهة الأوكرانيّة، تزداد وطأة دوي القذائف، فالبلاغات الصادرة عن القوات الأوكرانيّة تُشير إلى تقدمٍ ملحوظٍ ومُرعبٍ للقوات الروسيّة في إقليم خاركيف، حيث نجحت هذه القواتُ في تجاوز دفاعات كان يعتقد بأنها صُلبة بسهولة مُذهلة، مُخلفةً وراءها خسائرَ جسيمةً في الأراضي، فالروايات التي ينقلها المُدافعون الأوكرانيون الذين أنهكتهم المعارك تُصوّر الحرب بألوانٍ قاتمةٍ بعيدةٍ عن نهايتها. «الروس دخلوا ببساطة»، هكذا أفاد قائد أوكراني، مُشيرًا إلى فشل ذريع أو ربما خيانة في الاستعدادات العسكريّة.
خاركيف، ثانية كبرى مدن أوكرانيا، تواجه الآن تهديدًا وجوديًا يُذكّر بحصارها عام 2022، المدينة التي ترمز إلى الصمود الأوكراني، تقف الآن على حافة الكارثة، حيث يُناشد عمدتها تيريخوف بيأس للحصول على مزيدٍ من المُساعدات الغربيّة، فالهجماتُ الروسيةُ التي تستخدم مجموعةً مُرعبةً من الأسلحة والقنابل الموجهة إلى القصف المُستمر، أجبرت الآلاف على الفرار، تاركين وراءهم مدينةً قد تُصبح قريبًا أشبه بحلب السوريّة اليوم بدلًا من أن تكونَ المركز الحضري النابض بالحياة الذي كانت عليه.
وسط هذه الأوضاع العسكريّة، بدأنا نرى تداعيات التأخير في المُساعدات الغربيّة، فقد وافق الكونغرس الأمريكي أخيرًا على حُزمة مُساعدات كبيرة، لكن الوقت الذي ضاع سمح للقوات الروسيّة بكسب الأرض والزخْم، وهذا التأخيرُ، إلى جانب الأخطاء الاستراتيجيّة في الدفاعات الأوكرانيّة، أعطت لروسيا اليد العُليا ولو مؤقتًا، مُغيّرةً إيقاع النزاع وربما مساره المُمتد.
الرأي الأخير ...
لا شك أن هذا الأسبوع كان نقطة تحوّل جديدة، ففي الوقت الذي تستغل فيه القوات الروسيّة التغييرات التكتيكيّة والسياسيّة، فإن المخاطر لن تكون أبدًا أعلى بالنسبة لأوكرانيا، لتبرز الحاجة إلى إعادة تقييم استراتيجي واضح لحرب أوكرانيا اليوم.
(مرة أخرى نحو الثغور، أيها الرفاق)
إلى اللقاء في رأي آخر،،،
Commentaires