زلزال سياسي وتداعيات عالمية

في تطور مفاجئ، حققت «الجبهة الشعبية الجديدة» اليسارية انتصارًا غير متوقع في الانتخابات البرلمانية الفرنسية، ما أوقف زخم اليمين المتطرف للتجمع الوطني، هذا التحول الكبير في الساحة السياسية الفرنسية لن يمر دون تأثيرات كبيرة على المستوى الدولي، حيث سيُعيد تشكيل موقف فرنسا من القضايا الدولية مثل الحرب في أوكرانيا، والحرب على غزة، والعلاقات الدولية بشكل عام.
هذا التحول الدراماتيكي جاء بعد قرار الرئيس إيمانويل ماكرون بحل الجمعية الوطنية، في خطوة يبدو أنها كانت تهدف إلى تعزيز سلطته في مواجهة تصاعد اليمين المتطرف، إلا أن النتيجة جاءت عكسية، حيث انحازت الكتلة الانتخابية نحو اليسار، متجمعة خلف ائتلاف وعد بإصلاحات اقتصادية واجتماعية جذرية، الآن، تتصدر الجبهة الشعبية الجديدة -وهي تحالف يضم اليسار المتطرف بزعامة فرنسا الأبية والاشتراكيين والبيئيين المعتدلين- الساحة السياسية بأكبر عدد من المقاعد في الجمعية الوطنية، رغم عدم تحقيقها للأغلبية المطلقة.
التحول في موقف فرنسا من الحرب في أوكرانيا
قد يشهد موقف فرنسا من الحرب في أوكرانيا تغييرًا ملحوظًا تحت تأثير الجبهة الشعبية الجديدة. كان اليسار، تاريخيًا، يدعو إلى نهج متوازن يركز على الدبلوماسية بدلًا من التدخل العسكري، جان لوك ميلينشون، الزعيم الكاريزمي لفرنسا الأبية، صرّح مرارًا بضرورة إعطاء الأولوية للمفاوضات ونزع فتيل التصعيد و هذا يتناقض بشكل واضح مع دعم ماكرون القوي لأوكرانيا وموقفه الصارم تجاه روسيا، سيكون المجتمع الدولي مُترقبًا لمعرفة ما إذا كانت فرنسا ستُغير مسارها الحالي، وربما تدعو إلى محادثات سلام وإعادة تقييم العقوبات على روسيا.
نهج جديد تجاه الحرب على غزة
إن انتصار الجبهة الشعبية الجديدة يبشر أيضًا بتغيير محتمل في نهج فرنسا تجاه الحرب على غزة، فالتحالف اليساري شدد باستمرار على حقوق الفلسطينيين والمساعدات الإنسانية، ودافع عن القضية الفلسطينية، فخطابات ميلينشون الأخيرة نددت بالعنف في غزة ودعت إلى زيادة الدعم لحقوق الفلسطينيين، هذا قد يؤدي إلى دور فرنسي أكثر فعالية وصوتًا في الدعوة للسلام والعدالة في المنطقة، ما قد يؤثر على العلاقات مع إسرائيل ويقرب فرنسا من دول أخرى داعمة للفلسطينيين.
نموذج دبلوماسي جديد على نطاق أوسع
قد يشير صعود الجبهة الشعبية الجديدة إلى تحول نحو سياسة خارجية أكثر تعددية وتعاونية، يتضمن برنامج التحالف تركيزًا قويًا على العدالة الاجتماعية، والاستدامة البيئية، والتضامن العالمي، قد تعطي فرنسا الأولوية للتعاون الدولي في قضايا تغير المناخ، والعدالة الاجتماعية، وجهود بناء السلام، ما قد يعيد إحياء التحالفات مع حكومات ومنظمات تقدمية أخرى.
الرأي الأخير …
مع برلمان منقسم وعدم وجود أغلبية واضحة، تواجه فرنسا احتمال الجمود السياسي. فقرار ماكرون بحل الجمعية الوطنية قد يطارد حكومته حيث أراد أن يتفادى وصول اليمين المتطرف إلى الحكم ليصل اليسار المتعنت فهل سيستطيع «الرئيس» التعايش معهم؟
(La politique est l›art de mentir à propos)
إلى اللقاء في رأي آخر.

Comments