top of page
Zubara_Fort-2_edited_edited_edited.png

غزة في مرمى الإبادة

  • صورة الكاتب: نواف بن مبارك آل ثاني
    نواف بن مبارك آل ثاني
  • 26 يونيو
  • 2 دقيقة قراءة

فصلٌ حاسمٌ من التطهير العرقي.. والعالم يختار الصمت

حين يُستخدم الخبز كسلاح، وتُدار الكارثة بإجماع سياسي، تصبح الإنسانية مُجرّد شعار أجوف، فما نشهده اليوم في غزة لا يمكن وصفه إلا بأنه مرحلة مُتقدمة من مشروع تطهير عرقي مُتكامل الأركان. لم تعد الادعاءات حول «القضاء على حماس» سوى ستار يُخفي وراءه نيةً مبيتةً لتفريغ الأرض من سكانها، وإعادة تشكيل الواقع الديمغرافي والسياسي بالقوة.

بقرارٍ من مجلس الوزراء الإسرائيلي، تمَّ التصديق على خُطةٍ تضع كامل القطاع تحت سيطرة الاحتلال، وتُحوّل توزيع المساعدات الإنسانيّة إلى أداة ضغط واستسلام. لا حديث بعد اليوم عن القانون الدولي، بل عن قواعد جديدة تُكتب بدماء الفلسطينيين وبصمت العالم المتحضر.

الوزير المتطرف إيتمار بن غفير لم يُخفِ نواياه، بل صرّح بوقاحة أنه يجب ألا يدخل غزة «طعام، أو دواء، أو كهرباء»، وأن «المساعدة الوحيدة التي تُقبل هي لتشجيع الهجرة الطوعية». بهذه الكلمات يُعبّر أحد أركان الحكومة الإسرائيليّة عن منطق الإبادة السياسية والاجتماعية، تحت عنوان «الأمن القومي».

المؤسسات الإنسانية، وعلى رأسها الأمم المتحدة، عبّرت عن رفضها القاطع لهذا «المخطط الخطير»، معتبرة أن فرض شروط عسكرية على توصيل الإغاثة يتعارض مع المبادئ الأساسية للعمل الإنساني: الحياد، والاستقلال، وعدم التسييس. كما حذّر قائد الجيش الإسرائيلي بنفسه من العواقب القانونية والسياسية، قائلًا: إن هذه السياسة تُعرّض إسرائيل لمُلاحقات دولية حتمية.

لكن التحذيرات لم تلقَ آذانًا صاغية. الاحتلال ماضٍ في استراتيجيته: تجويع، وحصار، وقصف، وترهيب جماعي. ومع كل ذلك، يُتوقع من الفلسطيني أن يصمت، وأن يركع، أو أن يرحلَ طوعًا.

منذ أكثر من تسعة أسابيع، لم تدخل أي مُساعدات غذائية فعلية إلى القطاع، بينما الأطفال يموتون جوعًا أمام أعين كاميرات العالم. وأكثر من 61000 شهيد سقطوا، بينهم آلاف لا يزالون تحت الأنقاض، بينما تُدار عمليات «التوزيع» عبر شركات أمنية خاصة تعمل تحت مِظلة جيش الاحتلال، وكأننا أمام مشهد من رواية ديستوبية تُدار فيها المجاعة كتكتيك عسكري.

بل الأسوأ من ذلك، أن هذه الخُطة لا تقتصر على قطع الغذاء والدواء، بل تُطرح كمقدمة لاحتلال دائم لغزة، وإعادة رسم خطوط السيادة بأحذية الجنود لا بأدوات الدبلوماسية. حديث نتنياهو عن «المناطق الإنسانية» هو تضليل لغوي لواقع جديد: إنشاء جيوب سكانية مُحاصرة وخاضعة بالكامل للرقابة العسكريّة.

الرأي الأخير:

ما يجري في غزة ليس عجزًا إنسانيًا فقط، بل فضيحة أخلاقية عالمية. إنها لحظة الحقيقة: إما أن ينتصر القانون والضمير، أو تسود شريعة الغاب. الفلسطينيون يُجَوَّعون، ويُطاردون، ويُقتَلون.. لكنهم لا يُبادون روحيًا. لا يُهَجَّرون طوعًا. ولا يُساوَمون على كرامتهم.

(الخبز قد يُمنع، لكن صوت الحق لا يُحاصَر)

إلى اللقاء في رأي آخر،،،


Comments


  • RSS
  • X
  • Instagram
  • Youtube

 - مجرد رأي | من منظور إستراتيجي -

pod144r21.tif

جميع الآراء هنا تمثل آراء الكتّاب الشخصية فقط.

PoliSMAIN35755.png

© 2025 Nawaf bin Mubarak Al-Thani, All rights reserved.

bottom of page